سورة الحجر - تفسير التفسير الوسيط

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الحجر)


        


{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (26) وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ (27) وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (28) فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (29) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (30) إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (31) قالَ يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ (33)} [الحجر: 15/ 26- 33].
هذا دليل آخر على قدرة الله تعالى، فكما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما، بدأ خلق الإنسان، أي جنسه من طين، والمراد: آدم عليه السّلام، والأهم الأعظم هو نفخ الروح وإبداع الخلق، وأما المادة التي دبّت فيها الحياة بالروح فهي التراب الذي عبّر الله عنه مرة بالطين ومرة بالصلصال كالفخار، ومرة بالطين اللازب، للدلالة على مراحل الخلق، فقد بدأ الله خلق آدم أولا من تراب، ثم من طين، ثم من صلصال، أي من طين جاف يابس، ومن حمأ مسنون، أي من طين أسود متغير منتن.
ودليل آخر على القدرة الإلهية: أن الله تعالى خلق الجنّ أي جنس الشياطين من نار شديدة الحرارة، هي نار السّموم، قبل خلق آدم. قال ابن مسعود: هذه السموم جزء من سبعين جزءا من السموم التي خلق منها الجانّ. وقالت عائشة فيما روى مسلم وأحمد: «خلقت الملائكة من نور، وخلقت الجانّ من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم». وهذا مأخوذ من قوله تعالى: {خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ (14) وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ (15)} [الرّحمن: 55/ 14- 15].
وهذا إشارة إلى برودة طبع الإنسان، وحرارة طبيعة الجنّ. والمراد بهذه الخلقة:
إبليس أبو الجنّ. سئل وهب بن منبّه عن الجنّ، فقال: هم أجناس، فأما خالص الجنّ فهم ريح لا يأكلون ولا يشربون ولا يموتون ولا يتوالدون، ومنهم أجناس تفعل هذا كله، منها السعالي والغول وأشباه ذلك.
ثم أراد الله تعالى تشريف آدم أبي البشر عليه السّلام وإكرامه، فأمر الملائكة بالسّجود له: {فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (29)} ومعنى الآيات:
اذكر أيها الرسول لقومك حين أمرت الملائكة الموجودين قبل خلق آدم بالسجود له، بعد اكتمال خلقه وإتقانه وتسوية أجزائه على ما يجب، من طريق إحيائه بنفخ الروح من الروح التي هي لي، فقوله: {مِنْ رُوحِي} إضافة خلق وملك إلى خالق مالك، أي بدأت خلقه من روحي، ولفظ الروح هنا للجنس، ولفظة {فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ} تقوّي أن سجود الملائكة إنما كان كالمعهود من السجود عندنا، لا أنه خضوع وتسليم وعبادة.
وامتثل الملائكة أمر الله، فسجدوا كلهم جميعا، أي مجتمعين دفعة واحدة، لم يبق منهم أحد، وجميعهم سجد في موضع واحد، إلا إبليس فإنه تخلّف عن السجود لآدم، حسدا وكفرا، وعنادا واستكبارا، وافتخارا بالباطل لأنه في زعمه خلق من نار تتصف بالسّمو والارتفاع، وآدم خلق من تراب موصوف بالركود والخمود والانخفاض. وأدى به الغرور إلى عصيان الأمر الإلهي بأنه خير من آدم، فإنه خلق من النار، وآدم من الطين، والنار أشرف من الطين، والأعلى لا يعظم الأدنى، وذلك قياس فاسد لأن خيرية المادة لا تعني خيرية العنصر، بدليل أن الملائكة من نور، والنور خير من النار. وغرور إبليس مشتمل أيضا عدا الكبر على جهل بأن آدم امتاز باستعداد علمي وعملي لتلقي التكاليف، وتقدم الكون وعمارة الأرض.
لذا عاقبه الله بالطرد والإخراج من الجنة، كما سيأتي بيانه، وسجّل إبليس على نفسه المعصية الدائمة، وكأنه قال: «وهذا جور» وأحسّ بالنزعة الطبقية، وبأن هناك تفاوتا في درجات المخلوقين، منهم الفاضل، ومنهم المفضول، ولكن الله تعالى سوّى بين جميع المخلوقات في الفضائل، فكلهم أمام الله سواء، والرّب سبحانه وتعالى وحده هو المتميّز الأعلى من الجميع.
قصة طرد إبليس من الجنّة:
كان الجزاء العادل من الله تعالى على عصيان إبليس أوامر ربّه، وإصراره على ذلك: هو الطّرد من الجنّة دار النعيم لأنه لا يعقل أن يحظى أحد بالخلود في دار النعيم، مع تمرّده وعصيانه ومخالفته أمر المنعم عليه. وأدمن إبليس على المعصية ومعارضة الله، فأصّر على إغواء البشر وإضلالهم بسبب غوايته وضلاله، فصار ممثلا عنصر الشّر المحض، وعدو الإنسان إلى يوم القيامة. وهذا ما سجّلته الآيات التالية:


{قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (34) وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلى يَوْمِ الدِّينِ (35) قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (36) قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (37) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (38) قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (40) قالَ هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (41) إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ (42) وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)} [الحجر: 15/ 34- 44].
استحقّ إبليس بعصيان أمر الله الطرد والإبعاد من الجنة، وهي وإن لم تذكر في هذه الآية، فالقصة تتضمنها، أمره الله بالخروج منها، وجعله مرجوما، أي مطرودا مبعدا، لا يستحق الإكرام والمنزلة العالية. وصبّ الله تعالى عليه اللعنة، أي الطّرد من رحمته إلى يوم القيامة، فهو آخر من يموت من الخلق.
فلما تلقى إبليس هذا الجزاء، طلب الإمهال إلى يوم البعث من القبور، وحشر الخلق ليوم الحساب، إمعانا في الكيد لآدم، وحسدا له ولذرّيته. فأجاب الله طلبه، وأخّره إلى يوم الوقت المعلوم، وهو وقت النفخة الأولى حين تموت الخلائق. وقوله المتكرّر: {رَبِّ} إقرار بالرّبوبية والخلق.
فلما تحقق إبليس الانتظار ليوم البعث قال: { رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي} أي أقسم بالإغواء الذي قدرته علي وقضيت به، لأزينن لذرّية آدم الشّهوات والمعاصي والأهواء في الأرض، وأحبّب لهم المعاصي، وأرغّبهم فيها أجمعين دون أن أترك أحدا، إلا المخلصين من عبادك، الذين أخلصوا لك في الطاعة والعبادة والتقوى والإيمان بك وبرسولك.
ردّ الله تعالى على إبليس مهدّدا ومتوعّدا بقوله: {هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ} أي هذا الطريق في العبودية أو الإخلاص إلي مستقيم، يؤدي إلى كرامتي وثوابي، والعرب تقول: «طريقك في هذا الأمر على فلان» أي إليه يصير النظر في أمرك، وهذا خبر يتضمن وعيدا.
ثم ابتدأ الله الإخبار عن سلامة عبادة المتّقين من إبليس، وخاطبه الله تعالى بأنه لا حجة له عليهم، ولا سلطان ولا قدرة، فإن عبادي المؤمنين المخلصين أو غير المخلصين، الذين قدّرت لهم الهداية، لا سلطان لك على أحد منهم، ولا سبيل لك عليهم، ولا وصول لك إليهم، لكن الذين اتّبعوك يا إبليس من الضّالّين المشركين باختيارهم، فلك عليهم سلطان، بسبب كونهم منقادين لك في الأمر والنّهي، كما قال تعالى: {إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100)} [النّحل: 16/ 100].
وإن جهنم موعد جميع من اتّبع إبليس، كما قال الله تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} [هود: 11/ 17]. ثم أخبر الله سبحانه أن لجهنّم سبعة أبواب، قد خصص لكل باب منها جزء مقسوم وعدد معلوم من أتباع إبليس، يدخلونه، لا محيد لهم عنه، وكل واحد يدخل من باب بحسب عمله، ويستقر في درك بقدر عمله.
وفي تفسير الأبواب السبعة قولان: قول: إنها سبع طبقات، بعضها فوق بعض، وتسمى تلك الطبقات بالدّركات، والأبواب السبعة كلها في جهنم على خط استواء، وقول آخر: إنها سبعة أقسام، ولكل قسم باب، أعلاها جهنم، ثم لظى، ثم الحطمة، ثم السّعير، ثم سقر، ثم الجحيم، وفيه أبو جهل، ثم الهاوية، وتكون الأبواب على هذا القول بعضها فوق بعض، أي إن النار إما ذات أجنحة وأقسام، والأبواب متوالية صعودا ونزولا، أو إن النار قسم واحد ذو دركات، وأبوابها السبعة مداخل لها، عافانا الله من النار، وتغمّدنا برحمته بمنّه وكرمه.
جزاء المتّقين يوم القيامة:
سار المنهج القرآني في تربية الأفراد والشعوب على أساس الجمع بين الترغيب والترهيب، ومن أمثلة هذا المنهج: أن الله تعالى يذكر عادة ما أعد لأهل الجنة، وما أعد لأهل النار، ليظهر التّباين، ويقارن الإنسان العاقل بين العاقبتين، فيقبل على العمل الصالح المؤدي للجنة، ويجتنب العمل السّيئ المؤدي للنار، والخير في الحالتين للإنسان. فهل بعد هذا عذر لمقصّر أو عاص أو مسيء؟! قال الله تعالى مبيّنا جزاء المتقين بعد بيان جزاء الفاسقين والعصاة من أتباع الشيطان:


{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45) ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ (46) وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (47) لا يَمَسُّهُمْ فِيها نَصَبٌ وَما هُمْ مِنْها بِمُخْرَجِينَ (48) نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ (50)} [الحجر: 15/ 45- 50].
نزلت هذه الآية: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45)} فيما أخرجه الثعلبي عن سلمان الفارسي: أنه لما سمع قوله تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43)} فرّ ثلاثة أيام هاربا من الخوف، لا يعقل، فجيء به للنّبي صلّى اللّه عليه وسلّم، فسأله فقال: يا رسول الله، أنزلت هذه الآية: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43)} فوالذي بعثك بالحق، لقد قطّعت قلبي، فأنزل الله: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45)}.
وأما آية: {وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ} فنزلت في أبي بكر وعمر، اللذين كانا بين قبيلتيهما بني هاشم وبني عدي عداوة وغلّ الجاهلية. وهذا في شأن الدنيا.
هذه الآيات تصوّر لنا مصير المتّقين، وهم الذين اتّقوا عذاب الله ومعاصيه، وأطاعوا أوامره، واجتنبوا نواهيه، فلم يتأثروا بوساوس إبليس، جزاؤهم أنهم في جنّات، أي بساتين ذات ثمار دائمة، وظلال وارفة، وتتفجر من حولهم عيون هي أنهار أربعة: من ماء، ولبن، وخمر غير مسكرة، وعسل مصفى، دون تنافس عليها.
ويقال لهم من الملائكة: ادخلوا هذه الجنات سالمين من الآفات، آمنين من كل خوف وفزع، ولا تخشوا من إخراج ولا انقطاع ولا فناء.
ويتفضّل الله على عباده المتّقين، فينزع كل ما كان في صدورهم في الدنيا من حقد وعداوة، وضغينة وحسد، حالة كونهم إخوانا متحابّين متصافين جالسين على سرر متقابلين، لا ينظر أحدهم إلا لوجه أخيه، ولا ينظر إلى ظهره، فهم في رفعة وكرامة وطمأنينة ومحبة. ونزع الغل والحقد في الآخرة: إنما يكون بعد استقرارهم في الجنة، كما جاء في بعض الأحاديث.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير ممن قال الله فيهم: {وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ}.
ومن أفضال الله ورحمته أيضا أنه لا يصيب المؤمنين في الجنات تعب ولا مشقة، ولا أذى لأنه لا حاجة لهم إلى السّعي والتّعب في جلب المعايش، لتيسير كل ما يشتهون أمامهم دون جهد.
وهم كذلك ماكثون في الجنات، خالدون فيها أبدا، لا يخرجون منها، ولا يحوّلون عنها.
جاء في الحديث الثابت: «يقال: يا أهل الجنة، إن لكم أن تصحّوا فلا تمرضوا أبدا، وإن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تشبّوا فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تقيموا فلا تطغوا أبدا».
وتتلخص هذه النّعم والمنافع بثلاثة أشياء: الاطمئنان والتكريم، والصفاء من الشوائب المؤذية مادّيا ومعنويا، والدوام والخلود بلا زوال. ولابدّ أن يعلم الناس أن الله سيجازي بالمغفرة والرحمة، كما يجازي بالعذاب، فقال: {نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ (50)}.
أخرج الطبراني عن عبد الله بن الزبير قال: مرّ رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم بنفر من أصحابه يضحكون، فقال: «أتضحكون، وذكر الجنّة والنار بين أيديكم»، فنزلت هذه الآية: {نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ (50)}.
أي أخبر يا محمد عبادي أني ذو مغفرة ورحمة، وذو عذاب أليم. وهذا جمع بين مقامي الرجاء والخوف، فالله تعالى يستر ذنوب من تاب وأناب، فلا يفضحهم ولا يعاقبهم، وإنما يرحمهم فلا يعذّبهم بعد توبتهم، وهذا يشمل المؤمن الطائع والعاصي.
والعذاب المؤلم الشديد الوجع لمن أصرّ على الكفر والمعاصي، ولم يتب منها. وهذا تهديد وتحذير من اقتراف المعاصي، بعد الوعد بالجنة، لمن آمن وتاب وعمل صالحا.
قصة ضيف إبراهيم عليه السّلام:
يتلقّى الأنبياء عليهم السّلام الوحي عن ربّ العزة إما بواسطة جبريل عليه السّلام، وإما بالرّؤيا الصادقة في النوم، وإما عن طريق ملائكة مع جبريل يأتون بصفة بشر، يتعرّف عليهم النّبي بعد حوار وسؤال وجواب ليعرف حقيقة القادمين عليه. وهذا التنويع في إنزال الوحي إيناس للنّبي، وتسهيل عليه في معرفة الحكم أو الخبر الإلهي. ومن هذه الأحوال مجيء وفد من الملائكة، بصفة ضيوف على إبراهيم الخليل عليه السّلام، يتراوح عددهم بين ثلاثة واثني عشر ملكا، منهم جبريل عليه السّلام لتبشير إبراهيم في سنّ الكبر بغلام عليم، ولإخباره بإهلاك قوم لوط، ولوط ابن أخي إبراهيم عليهما السّلام. وصف الله تعالى هذه الضيافة بقوله:

1 | 2 | 3 | 4